0 تصويتات
بواسطة (3.7مليون نقاط)

خطبه الجمعه بعنوان( لماذا لا نتوب؟خطبة الجمعة الثانية من شهر رجب المبارك

خطبه الجمعه بعنوان( لماذا لا نتوب؟..)خطبة الجمعة الثانية من شهر رجب المبارك

لماذا لا نتوب؟..، والله ينادينا: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".

لماذا لا نتوب والحبيب صلى الله عليه وسلم ينادينا: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت عنه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك، إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك.. أخطأ من شدة الفرح". رواه مسلم.

لماذا لا نتوب، وقد جاء في الأثر الإلهي: "إن عادوا إليّ فأنا حبيبهم، وإن أعرضوا عني فأنا طبيبهم، أداويهم بالأمراض والأسقام حتى يأتوني يوم القيامة وليس عليهم شاهد بذنب".

هكذا ينطق القرآن والحديث والأثر بنداء المؤمنين بالتوبة والعودة إلى الله رب العالمين.

فإلى متى يا إخواني تؤخرون توبتكم، الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل. هل تنتظر أن يفاجئك الموت وأنت عن ربك مشغول بالمعاصي؟! هل تريد أن تعيش حياتك التي مهما طالت فهي قصيرة - ثم تساق إلى نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى؟!!

ماذا تنتظر؟ وقد أوحى الله إلى داود: أن قل لقومك ما لكم تخفون الذنوب من خلقي وتظهرونها لي، إن كنتم تظنون أني لا أراكم فأنتم مشركون بي، وإن كنتم تظنون أني أراكم فلمَ تجعلونني أهون الناظرين إليكم؟!!

إذا كانت رحمة الله قد وسعت رجلاً قتل مائة نفس، ووسعت رحمته جل وعلا امرأة بغي (زانية) سقت كلبًا لأجل الله، فهل تضيق رحمته عليك وهو الرب الكريم الذي يغفر الذنوب ولا يبالي؟

هل تضيق رحمته وهو الذي ينادي: "يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم أتيتني لا تشرك بي شيئًا غفرت لك ما كان منك ولا أبالي.. يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا... لأتيتك بقرابها مغفرة... يا ابن آدم إنك ما رجوتني ودعوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي...".

ما بالكم برب ينادي على العباد يوم القيامة حين تشتد الأهوال وتنقطع الرجاء في كل الأعمال، ويوقن العباد بالبوار، ويظنون أنهم لا محالة من أهل النار: لا تحزنوا يا عبادي فمن أجلكم سميت نفسي العزيز الغفار، أو ما تعلمون أنه لا يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم.

فإذا كان الله هو حبيبك فاعلم أنه ينتظرك أن تقدم عليه أول خطوة، واسمع نداءه لك "إن تقرب إليّ عبدي شبرًا تقربت منه ذراعًا، وإن تقرب إليّ ذراعًا تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة".

وإلى هؤلاء الذين يعودون للذنوب ولا يستطيعون التخلص التام منها نسوق الحديث الإلهي الذي يقول: "أذنب عبد ذنبًا فقال: أي رب أذنبت ذنبًا فاغفر لي فيقول الله عز وجل: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني قد غفرت له، ثم يذنب ذنبًا آخر فيقول مثل ما قال فيقول الله مثل الأولى وفي الرابعة يقول الله: اكتبوا لعبدي توبة لا تمحى فليصنع عبدي ما شاء".

وهذا طبعًا ليس معناه الإذن بالمعصية، وإنما معناه أن القلب إذا أدمن التوبة وداوم عليها فإنها تورثه الإنابة والرجوع، فلا يصمد مع إدمان التوبة ذنب أبدًا، وفي الخبر الإلهي: "يا آدم إن عصمتك وعصمت ذريتك فعلى من أجود بكرمي وعلى من أتفضل بعفوي ومغفرتي".

وفي الحديث الشريف: "لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم".

وبالرغم من هذه النداءات الربانية والترغيبات النبوية فإن الإنسان تحول بينه وبين التوبة النصوح عوائق كثيرة إن لم تمنعه منها فإنها تؤخره عنها، ومن هذه العوائق التي تعترض طريق التائبين:

1 - التسويف: يقول أحدهم: أنا ما زلت شابًّا والعمر أمامي طويل، وبالطبع إن تبت الآن سأرتكب ذنوبًا بعد توبتي؛ ولذلك فالأفضل أن أعيش شبابي وآخذ حظي من الدنيا وأتوب مرة واحدة في الوقت لمناسب وتكون توبة نصوحًا.

2 - إدمان الذنوب وضعف العزيمة: يقول بعضهم: أنا مدمن ذنوبًا والتوبة ستحرمني من الذنوب التي أنوي أن أفعلها، فالأفضل أن أتوب بعد ما أجرب كل المعاصي.

3 - القنوط من رحمة الله: ومن أقوال القانطين: "يا مولانا أنا بعيد جدًّا عن ربنا وعملت موبقات كثيرة ولا يمكن أن يغفر الله لي، وما دمت داخلاً النار فمن حقي أن أعيش حياتي كما أريد"، وهذا قد استعظم ذنوبه وظن أن الله لا يغفرها أبدًا.

4 - وقد يقول آخر: "أنا حكيت حكايتي -لما أردت أن أتوب- لأحد الشيوخ في المساجد وصارحته بكل شيء وقلت له: هل يغفر الله لي؟ فقال: يا بني أنت عملت كل شيء يغضب الله، وسلكت كل طرق الفساد وتريد أن تتوب الآن؟! أعوذ بالله من غضب الله، فأحسست أن باب التوبة مغلق في وجهي، وأن الله لن يقبل توبتي أبدًا فقررت أن أعيش حياتي في الدنيا؛ لأني من أهل النار في الآخر". وهذا وإن كان معذورًا بشكل ما إلا أنه اختار الشخص غير المناسب ولم يسأل أحدًا غيره وهذا طبعًا خطأ.

5 - التأثر السلبي بالبيئة: يقول أحد المجموعة: "إنها (شلة) الأصحاب لو تبت سأتركهم أو يتركونني وأصبح وحيدًا بلا صديق ولا صاحب".

وأنا أقول لهذا الشاب: تب إلى الله ولو كان في أصدقائك خير فسوف يلحقهم الله بك وتكون سببًا في هدايتهم جميعًا، وإن لم يكن فيهم خير فسوف يبدلك الله صحبة أفضل منهم.

6 - خوف العودة للذنوب: وقد يفاجئنا أحد هؤلاء الشباب الطيب بقوله: "أنا بصراحة جربت أتوب ولكن في كل مرة كنت بعد فترة بسيطة جدًّا أعود للذنوب مرة أخرى، وسمعت حديثًا يقول: "التائب من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه"، ولم أتحمل أن أكون مستهزئًا بالله فتركت التوبة إلى أن يأذن الله".

7 - الفكرة السيئة المأخوذة عن الملتزمين: وللإعلام دور كبير في وصف الملتزمين بالتطرف والتزمت والرجعية والتخلف، وتصبح التوبة في أذهان أصحاب هذه الفكرة تعني أن تصبح العيشة كلها حرام والمتع كلها ممنوعة، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وهؤلاء ليس لهم عذر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصف لنا فيه مصادر التشريع وليس فيها الإعلام ولا التليفزيون ولا المجلات وإنما قال صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا؛ كتاب الله وسنتي"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، فقد يكون لغير الناطقين بالعربية في بلاد الغرب عذر؛ لأن الإعلام هو مصدرهم الوحيد عن صورة الإسلام والمسلمين ولا تيسر لهم معرفة الدين من نبعه الصافي مع وجود حاجز اللغة، أما العرب فلا عذر لهم في التفتيش عن دينهم فالمؤمن فتاش عن دينه والجرائد والمجلات والمسلسلات ليست من مصادر الدين.

8 - الاعتذار بالقدر: وهؤلاء هم القائلون: "لو أراد الله هدايتي لهداني، ولكنه كتب عليّ الضلال وأنا مسير ولست مخيرًا".

وهؤلاء الذين يجعلون من القدر شماعة يعلقون عليها عدم توبتهم يحاولون الخداع و"يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون".

9 - الغفلة: يقول أحدهم: "أنا والحمد لله أحسن من غيري بكثير، فأنا أصوم وأصلي وأعمل كل شيء طيب وعلاقتي بربنا جيدة جدًّا، فمن أي شيء أتوب؟".

وهؤلاء لم يعرفوا عظم حق الله عليهم "وما قدروا الله حق قدره"، فهم يظنون أنهم أهل صلاح، وأن التوبة على المذنبين مع الله يقول: "وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون"، ويقول: "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله".

فهل قال الله وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المذنبون أم أيها العاصون؟ هل قال الله: يا أيها الذين قصروا وأذنبوا توبوا إلى الله؟!!

10 - الغرور والاتكال على سعة رحمة الله: كثيرًا ما نسمع "ربنا رب قلوب وما دام بيني وبينه عمار فسيغفر لنا وأكيد سيشفع لنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وهو لن يرضى وأحد أمته في النار".

ولهؤلاء المغرورين الحمقى نسوق قول الله تعالى: "ولا يغرنكم بالله الغرور"، وقوله: "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون"، وقوله: "فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون"، ولقد قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وهو ينادي على آل بيته فردًا فردًا: "يا آل محمد اعملوا فإني لا أغنى عنكم من الله شيئا"، والنبي صلى الله عليه وسلم سيرضى يوم القيامة بما يرضاه ربه، ومن عدل الله ألا يساوي بين المحسن والمسيء، فلا بد أن يأخذ المسيء جزاءه، وفي الخبر الإلهي "لا أجمع على عبدي أمنين ولا خوفين؛ إن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة ، وإن أمنني في الدنيا خوفته يوم القيامة".

فاحذر أيها المغرور أن تأمن مكر الله فتكون من الخاسرين.

11 - طبيعة العمل: قد يمنع العبد من التوبة العمل الذي يتكسب منه رزقه، فقد يكون العمل حرامًا كأن يعمل في الخمور، أو يأخذ رشاوى أو ما شابه ذلك من أوجه الكسب الحرام، وهؤلاء إن لم يكونوا قد ألفوا المعصية وتعودوا عليها، فهم فقدوا الحساسية تجاه الكسب الحرام وأصبحوا يستحلونه، والتوبة معناها هنا أن يترك العمل ويذهب لعمل آخر أقل مكسبًا.

ولهؤلاء نقول: توبوا إلى الله عز وجل، واتركوا العمل الحرام بنية صادقة وقلب مقبل على ربه ومولاه، ولن يضيعكم الله سبحانه، ولن يضيع من تعولون أتدرون لماذا؟

لأن صاحب العمل لا يملك لك رزقًا وإنما الذي يرزقك هو الله تعالى، وقد أقسم الله "وفي السماء رزقكم وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق" رزقك في السماء يا أخي الحبيب.

وقد تكون طبيعة العمل حلالاً، ولكن العمل يأخذ الوقت كله لا يستطيع الواحد معه أن يؤدي العبادات وإلى هؤلاء نسوق الخبر الإلهي: "يا ابن آدم خلقت الأشياء كلها من أجلك وخلقتك من أجلي، فلا تنشغل بما خلق لك عما خلقت له".

وليس المقصود بالطبع أن يترك الإنسان عمله؛ ليتفرغ للعبادة، وإنما المقصود الموازنة بين الأمور، ومن عظمة الإسلام أنه هو الدين الذي يجمع للإنسان خيري الدنيا والآخرة ، فيتمتع الإنسان بمتاع الدنيا ويعبد ربه سبحانه وتعالى، بل ينقلب كل ما يفعله الإنسان مما يختص بالدنيا إلى عمل يثاب عليه عند الله تعالى.

وإن كان الله لن يحرمك من متاع الدنيا، فلماذا يُصِرّ الإنسان على أن يكون على معصية؟ فله أن يطيع الله ويتمتع بما يشاء عن طريق الحلال.

ولكنه الضعف البشري، ووساوس النفس والشيطان، والاستسلام للأوهام، وضعف حب الله في قلوبنا، وغياب الحقيقة عنا، فالعائد لله، ينتقل من خسران الدنيا والآخرة، إلى كسب الدنيا والآخرة، وهل من العقل والحكمة أن يخسر الإنسان كل شيء؟ أم يكسب كل شيء؟!!

فلنعد إلى الله سبحانه وتعالى، فإنه ينتظرنا، ويفتح بابه لنا، وينادي علينا، فهل نجيب الرحمن أم نعصه ونتبع عدونا الشيطان؟؟

"وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون". منقول

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (3.7مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
خطبه الجمعه بعنوان( لماذا لا نتوب؟..)خطبة الجمعة الثانية من شهر رجب المبارك
0 تصويتات
بواسطة
خطبه الجمعه بعنوان( لماذا لا نتوب؟خطبة الجمعة الثانية من شهر رجب المبارك

بارك الله فيك
بواسطة (3.7مليون نقاط)
وإياكم اخي في الله... لاتنسونا من دعائكم

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
2 إجابة
سُئل فبراير 3، 2022 في تصنيف إسلامية بواسطة madeilm (3.7مليون نقاط)
مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...